الأنبا تكلا هيمانوت ملاك كنيستنا هو أشهر قديس في إثيوبيا.. وهو الإنسان الوحيد الذي جاءته أجنحة! ومن الجدير بالذكر أن الاحتفالات بأعياد ميلاد القديسين نادرة جدًا وتعد على أصابع اليد الواحدة، منهم الشهيد يوحنا المعمدان، والأنبا تكلا هيمانوت.. والأنبا تكلاهيمانوت له في حياة أولاده العديد من الأعمال والمعجزات نلمسها في كنيسته كل يوم..
سيرة القديس تكلاهيمانوت الحبشي القس
|
3) تكريسه شماسًا
وبعدما تم ما قاله الملاك، وفي طريق العودة، فكَّرا أن يبيتا في أقرب قرية حتى يمكنهما أن يأخذوا طعامًا، وكانت المدينة القريبة هي "أمحرا"، وكان أهلها لا يطعمون غريبًا.
ولما دخلا المدينة، سأل الإبن جماعة من الذين كانوا في الطريق عن مكان يمكن المبيت فيه، فأخذ واحدًا منهم يشتمه ويضربه بدون سبب، فصرخ الشماس طالِبًا معونة الملاك ميخائيل الذي خَلَّصه سريعًا، وأصاب الرجل الشرير بضرر.
لم يقدر الشماس المملوء من نعمة الروح القدس أن يرى هذا الإنسان، رغم أنه كان يضربه من وقت قليل، في هذه الحالة المؤلمة، فصلّى أن يرفع الله عنه هذه الآلام، فشفاه ملاك الله.. فآمن بالله وعائلته.
وبينما الأب مع ولده في الطريق مع أصحابهم (بعد قضاء ليلتهم في "أمحرا")، فرغ منهم الماء وقلَّ الطعام، فإنزوى القديس وصلّى بدموع أن يعطيهم الله ماء، فأجرى الله ينبوعًا من الصخر، فشربوا وأخذوا للطريق ماء.
وقد رغب الوالِدان في تزويج إبنهما، ولكنه رفض، وأخبرهم أنه قد نذر نفسه ليكون بتولًا كل الأيام. فقبل الوالدين أن يبقى بلا زواج، ولكن حسب عادة البلاد بقيت الفتاة معهم في المنزل كإبنتهم، إذ أحبت هي الأخرى ان تظل بتولًا..
4) الكهنوت
ثم رُسَمَ كاهنًا، ومن ذلك الوقت زادت صلواته وعبادته وأصوامه مع محبة مُتَّقِدة للجميع في أن يتعرَّفوا أكثر على المسيح إبن الله، وبقى مع والده يساعده في الخدمة، حتى إنتقلت والدته "أجزهاريا" (سارة) إلى السماء في 12 مسرى، وبعدها بأيام قليلة إنتقل والده أيضًا إلى السماء.وفي يوم ما بينما كان يمارس هوايته في الصيد في الغابات كعادته، ظهر له رب المجد يسوع محمولًا على أجنحة الملائكة وأبرق حوله بنور عظيم قائلًا: "أنا هو إلهك، حافِظَك من طفولتك.. لا يعود عملك صيد الوحوش بل صيد الناس. ومن الآن لا يكون إسمك "فرح صهيون" بل "تكلا هيمانوت" (والذي يعني "فردوس الآب والإبن والروح القدس"). ثم إختفت الرؤيا السماوية.كتانا تؤمن بالمسيحإحتدَّت روح القديس تكلا هيمانوت، كيف يَسْتَعبِد الشيطان وأتباعه السحرة أبناء الله المخلوقين على صورته، فقام وذهب إلى تلك البلاد كما دعاه الله، وما أن إقترب من المدينة التي بها الشجرة، حتى سمع الشيطان صلواته، وصار يصرخ ويقول: "إبعدوا تكلا هيمانوت، إنه إنسان خطر عليكم، لا تدعوه يدخل المدينة، فهو شرير!"فطلب القديس تكلا هيمانوت شفاعة الملاك ميخائيل ومعونة الله في هذا العمل لإنقاذ الشعب. فإقترب من الشجرة وطلب منها بإيمان قوي أن تتحرَّك وتتبعه، فكانت الشجرة تمشي في إتجاه خطواته، وكانت جذورها تُحْدِث صوتًا كالرعد عند إنتزاعها من الأرض، فأصاب الرعب كثيرين، وكانت فروعها تقتل كثيرين في الطريق.. وكان الشيطان يصرخ ويقول: "لماذا تُعَذِّبني؟! أما يكفيك إنني تركت لك أرض "طلانس"؟ فأمره القديس أن يعترف أمام الناس أنه مُضِل، ويقر مَنْ هو الإله الحقيقي، فاعترف الشيطان أن المسيح هو الإله الحقيقي وحده.ومن ذلك الوقت بدأ القديس يُعَلِّمهم الإيمان بالثالوث الأقدس، ثم عمَّدهم جميعًا، وبلغ عددهم 111.500، وأقام لهم كنيسة يتناولون فيها من الأسرار المقدسة. ومما ساعَد هذه البلاد على قبول الإيمان بالمسيح يسوع أن القديس تكلا هيمانوت بصلواته إلى الله أقام الذين ماتوا أثناء حركة شجرة الشيطان. وقد عَمَّد القديس نحو 60 ألفًا، وصارت "كتانا" كلها مسيحية..ثم خرج القديس إلى برية "يكيس" للتفرُّغ للصوم والصلاة، وظل على هذا الحال طويلًا، وكان ملاك الله يرشده إلى ما يعمله كل حين، وذات يوم سمع صوتًا يناديه ثلاث مرات قائلًا: "امض إلى بلاد "الداموت" لأن لي هناك شعبًا كثيرًا، وابن لي كنيسة على اسم السيِّدة العذراء."وفي طريق لـ"الداموت"، طاردته الشياطين، وكان ينتصِر عليهم بقوة الصليب المُحيي. ولما وصل بدأ في هدم الأصنام التي كان يعبدها الناس.وقد عرف القديس أن الأمير به شيطان، فصلى القديس إلى الله وخرج منه الروح الشرير على شكل قرد. فآمن الأمير بالله وإعتمد هو وزوجته وابنه. وذاع خبر قدرته على شفاء الأمراض وإخراج الشياطين بصلاته إلى الله.سمع الملك "موتملي" بخبر عِماد إبنه الأمير على يد القديس، فتألَّم كثيرًا، وأرسل جنده إلى الأمير لِيُسَلِّم لهم القديس فرفض، ولما علم الملك بذلك، أرسل كثير من الجند للقبض على إبنه الأمير والقديس وإحضارهم مُقَيَّدين.ولما وصلا إلى الملك، أمر بتعذيبهما كثيرًا، لكن ملاك الله شفاهم. ثم تم إلقاؤهم بكهف ملئ بالوحوش، لكن أنقذهم الملاك مرة أخرى. وقد حاول الملك نفسه الهجوم على الأنبا تكلا هيمانوت برمح، فيبست يده وصار يصرخ من الألم، حينئذ وسوس له الشيطان أن كل هذه النكبات من هذين الرجلين، ولابد من قتلهما! فأصدر أمره أن يُعَلَّق الرجُلان على شجرتين في حديقة قصره، وما أن عُلِّق القديس من رقبته على الشجرة بالحِبال حتى مالَت الشجرة بجذعها القوي حتى لامَسَت أقدام القديس الأرض، ونزل بسلام. وإذا بأنوار بهية من السماء تضئ المكان فرفع الناس أنظارهم فرأوا طغمات سمائية تُسَبِّح وتُمَجِّد الله.. وحدث هذا وغيره من الأمور حتى آمن الكثيرين، ثم الملك نفسه بعد ذلك.
5) الرهبنة
وفي يوم من الأيام ظهر له رب المجد يسوع وقال له: "امض إلى أرض "أمحرا" واسكن في ديرها إلى أن أُكَلِّمَك مرة أخرى، وهوّذا الملاك ميخائيل يكون معك."
وفي طريقه إلى "أمحرا" صادَف راهبًا ذاهبًا إلى دير وإرتحل الإثنان على سحابة نورانية رتَّبها لهما الله حتى وصلا إلى الدير في يومين مع أن المدة تستغرِق شهورًا كثيرة.ولما ذاع خبر القديس على أفواه الناس طلب من الله أن يُنَجّيه من المجد الباطل، فظهر له الملاك ميخائيل وأمره أن يذهب إلى دير "اسطفانوس". وفي الطريق صادَف القديس نهرًا عميقًا لم يعرف كيف يعبره، فظهر له ملاك الرب وقال له أن يتبعه على وجه المياه، ثم إختفى الملاك وظلّ القديس سائرًا كما لو كان على الأرض، حتى وصل إلى الجانب الآخر من البحيرة. وعاش هناك في نسك كثير بأصوام وصلوات وميطانيات..وذات ليلة أراه الله مجد الدهر الآتي وأفراح القديسين في السماء، فَسُرَّت نفسه وفرح كثيرًا وإلتهب قلبه بمحبة الله، حتى أن المنظر الذي رآه بأنواره التي تغمر السماوات وكل أرواح القديسينومن هناك خرج القديس تكلا هيمانوت إلى أرض "الفخراني" بإرشاد من الملاك، ذاهِبًا إلى راهب قديس يُدعى "يوحنا"، وبقي عنده يتتلمذ على يديه 12 سنة في دير "ادوجواي".ظهر ملاك الرب للقديس وأشار عليه أن يذهب إلى مغارة أسفل الوادي حيث أن الدير كان على قمة الجبل، فودَّع رئيس الدير وسأله أن يذكره في صلواته وخرج الرهبان ليودعوه، وكان الرهبان يربطون مَنْ يريد النزول من على الجبل بحبل (لأنه كان مُنحَدِرًا بشدة). وفي أثناء نزول القديس، إنقطع الحبل، وانزعج الرهبان جدًا، ولكنهم شاهدوا ستة أجنحة تبرز من جنبيه تحمله إلى الأرض بسلام، فعاد الرهبان إلى الدير ممجدين الله على عظمته وعنايته بأولاده.سياحة الأنبا تكلانزل القديس إلى برية واسعة فيها كثير من القديسين يصومون خمسة أيام، ولا يأكلون خبزًا مما في العالم؛ بل طعامهم من نباتات البرية وشرابهم من ندى السماء يومي السبت والأحد. وقد زار كثير من الأديرة والكنائس، وإشتاقَت نفسه يومًا لزيارة القُدس بأورشليم، فسار قاصِدًا تلك البلاد، وزار كذلك الأردن حيث تعمَّد السيد المسيح.ثم ظهر له ملاك الرب وأخبره بأن يذهب إلى أرض "الصوفان"، فهناك سيكون قبره، وسوف تُبنى كنيسة على اسمه.جهاد القديس الأخيرإستقر أخيرًا القديس تكلا هيمانوت الحبشي في أرض "الشواريني" وبنى ديره المعروف باسم "البيانوس" وتلمذ رهبانًا كثيرين وجاهَد في نُسْكٍ بأصوام وصلوات وميطانيات كثيرة.. ورأى أنه لكي يكون مُنتَبِهًا في الصلاة، يمكنه الوقوف على قدم واحدة! فكان يُصَلّي واقِفًا على رجله اليُمنى حتى جَفَّت هذه الساق وإنكسرت. فأخذها أبناؤه ولفّوها في لفافة. أما هو فكان يُصَلّي على الرِّجل الأخرى ولم يكن يخرج من مغارته ليرى النور، بل ظلَّ حبيسًا بقية أيام حياته؛ إذ إستغنى بالوجود مع الله عن كل عمل مُداوِمًا على التسبيح والشُّكر.
6) النياحة
لما أكمل القديس تكلا هيمانوت الإثيوبي القِس جهاده، وصار جسده كالخشبة المحروقة، ظهر له مخلصنا الصالح، وأعطاه السلام، وأعلمه أنه سيموت بداء الطاعون وأنه سينتَقِل إلى السماء مع ثلاثة من أولاده.
مرض ثلاثة من الرهبان بداء الطاعون، ثم مرض القديس وتألم الجميع معه بسبب الآلام الشديدة التي لهذا المرض.. ولما إقتربت ساعة نياحته نظر الرب يسوع مع القديسة العذراء مريم وملائكة كثيرين يتقدَّمهم ميخائيل رئيس جُند الرب حارِسهُ وشفيعه. وأضاءت مغارته بنور سماوي بهي، وفاحَت رائحة بخور جميلة جدًا، فطلب أولاده أن يُصَلّي من أجلهم ليغفِر لهم الرب خطاياهُم، وللوقت صعدت روحه الطاهِرة بسلام إلى السماء، وكان ذلك في 24 مسرى، وبلغ عمره تسعة وتسعين سنة وثمانية شهور، وناحَت إثيوبيا على هذا القديس، وقد بكاه الكبير والصغير والذين عَرِفوا المسيح بواسطته.أما أبناؤه فأخذوا جسده وكفَّنوه بإكرام جزيل بعد تحنيطه، ودُفِن في مغارته وبقي بها نحو 56 سنة وقد كانت خارج الدير.وفي السنة ال57 لنياحته ظهر للأنبا "حزقيا" الذي كان بعد تلميذه "إليشع" وقال له: "قد حان الوقت لأن تنقِلني إلى الدير." وقد تمّ ذلك في إحتفال مهيب، وقد أعطاه علامة على حضوره معهم بأنه بعدما يطوفوا به ثلاث مرات بالهيكل يوقد قنديل الزيت الذي يتركوه مُطفأ في شرقية الكنيسة.وحدث أنه بعدما طيف بجسده الطاهِر ثلاثة مرات حول المذبح، أن قنديل الشرقية أضاء، ففرح الجميع لحضور القديس معهم. وقد حدث أثناء الطواف بالجسد أن داس الناس لكثرتهم رجلًا، فإنكسرت ساقاه، ولكنه حالما لمس جسد القديس قام صحيحًا في الحال، ودُفِن تحت المذبح بهيكل الكنيسة الذي يحمل اسمه بدير "ليبانوس" ب"الشوا".
0 التعليقات:
إرسال تعليق